تعريف بالمدرسة العرضية

تعريف بالمدرسة العرضية

A Chapter by د. أنور غني الموسوي
"

فصل (1) من كتاب فصول في المدرسة العرضية

"

فصل (1): تعريف بالمدرسة العرضية

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. اللهم صل على محمد واله الطاهرين. ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان.

هذا بيان للمدرسة العرضية؛ (المدرسة العرضية؛ منهج العرض العلمي التصديقي في فقه الشريعة). والمدرسة هي المذهب المتبع في التعامل مع موضوع معين، وموضوع البحث هنا هو فقه الشريعة. فالمدرسة العرضية تقابل غيرها من المدارس الفقهية، واهمها الأصولية والاخبارية. فالمدرسة العرضية ليست أصولية ولا إخبارية وهذا ما سيتبين في الفصول القادمة.

والمنهج هنا هو الطريقة البحثية في التعامل مع المعطيات العلمية أي الأدلة الشرعية وما تؤدي اليه.  وقد ورد لفظ المنهاج في القران والسنة.

والعرض يعني أساسا عرض الحديث على القران. ويتوسع الى عرض جميع المعارف الشرعية النقلية والقولية على القران بالكريم. وينتهي بعرض المعارف الشرعية بعضها على بعض. بعرض المعرفة الجديدة على المعرفة السابقة أي عرض ما هو غير ثابت على ما هو ثابت لبيان مدى توافقه وتناسقه معه.

ومن يعتمد المنهج العرضي يسمى عارضيا. والعرض ليس امرا مختصا بالشريعة بل ان أساس الادراك الواقعي هو عرض المعارف بعضها على بعض، فلا استقرار الا لما وافق ما سبق وكل ما يخالف ما سبق يبقى غير مستقر حتى تتوالى المعطيات مؤكدة له فيأخذ بالاستقرار شيئا فشيئا. فمنهج العرض أداة للإنسان لمعرفة الصدق والحقيقة.  وورد في القران نظيره بألفاظ الرد وفي السنة ورد صريحا لفظ العرض.

والعلمية هنا تقابل الظن، فيشمل العلمي القطع والتصديق. فالمعرفة اما ظن او علم والعلم اما قطع او غير قطع، والأخير يحصل بالاطمئنان الممي�™ ويتحقق بان تكون للمعرفة شواهد مما هو ثابت ومعلوم. فالعرض على القران يعني قصد التناسق والتوافق والاتساق، الذي هو من علامات العلم والحقيقة والواقع. فواقعنا ما كان واقعا الا لإنه متسق واي خرق لهذا الا تساق يسمى ظاهرة غير طبيعية. فعرض المعارف على القران يخرجها من الظن الى العلم. والمعارف التي هي ظن كخبر الواحد، يجب عرضها على القران، فان كان له شاهد أصبح علما وصح اعتماده والا كان ظنا لا يصح اعتماده. والمفهوم يتسع لكل معرفة، فما شهد له القران فهو الحقيقة، وما لا يشهد له القران فهو وهم. وبهذا يعلم دخول موافقة القران في تعريف الحقيقة واليقين، فلا علم ولا حق ولا صدق ولا ايمان ولا يقين الا بموافقة القران.

لا بد من التأكيد انه لا تعارض بين العلم (الوضعي) والدين، بل العلم ج�™ء من الدين وكل ما يقره العلم يقره الدين وكل مخالفة بين العلم والنص الشرعي فأما ان يحكم بظاهرية النص الشرعي او يأول. ولا يقال ان العلم الوضعي مرحلي تغيري، فان النص الشرعي ظاهري واسع يسع هذا التغير. والمعرفة تحمل على العلم فان بان التغير تحمل على التغير الجديد بلا اشكال، وهذا من خصائص الحقيقة الطبيعية في الادراك البشري العادي وهو كاشف عن عدم تمام قصد المثالية وان القصور مترسخ في المعرفة البشرية ودال على الكمال لله تعالى وحده.

والتصديقي هنا أي ان المعارف يصدق بعضها بعضا، فتتناسق وتتسق إضافة الى عدم الاختلاف، بان يكون للمعرفة الجديدة أصل وشاهد ومصدق في المعارف المعلومة الثابتة من القران والسنة يصدقها ويشهد لها. وستعرف ان الأصل اما مصدق او شاهد للفرع الذي يصدقه. والتصديق او (المصدقية) هي محور منهج العرض وعليه مداره، ولذلك سيكون تفصيل فيها. والتصديق ورد نصا في القران وورد لفظ (مصدق) وورد مثله في السنة.

والفقه الفهم وهو في المعارف بشكل عام العلم، والعلاقة بين العلم والمعرفة على ما استخلصته ان العلم طريق للمعرفة وصفة لها، بينما المعرفة هي الادراك وهي النهاية. ولذلك فالفقه هو العلم بالشريعة واصله من هذه الجهة التفقه، فان الفقه بحسب السنة هو العمل بالعلم وليس العلم وحده، وليس هنا موضع بيانه.

والشريعة هنا المعرفة الدينية الإسلامية، ولا ريب في وجود تداخل لغوي عرفي وفي الوعي بين الدين والشريعة الا ان كل منهما وجه لمعرفة واحدة فحينما ينظر اليها من جهة المعتقِد فهي دين وحينما ينظر اليها كمعرفة فهي شريعة. فالدين في أصله ما يدين به الانسان والشريعة في أصلها الطريقة، وكلاهما صفة لمعرفة واحدة الا انهما يختلفان من جهة الملاحظة والنظرة لتلك المعرفة. ولأننا نتعامل أساسا هنا باعتبار المعارف الدينية شريعة وطريقة وكيف نتوصل اليها كان لفظ الشريعة انسب. فالمقصود هنا كل ما يتعلق بدين الانسان، بل ان البحث هنا يقدم فلسفة إسلامية شرعية بخصوص نظرية المعرفة ولو من خلال بيان المثال والمصداق. لان المعرفة الشرعية هي ج�™ء من المعرفة البشرية وليست شيئا مباينا في قبالها.

فالخلاصة المدرسة العرضية تعنى بعرض المعارف الشرعية بعضها على بعض بعرض الجديد على ما هو ثابت ومعلوم منها، فلا يقبل الا ما كان له شاهد ومصدق مما هو ثابت ومعلوم من القران والسنة. وبعبارة أكثر تحديدا هو عرض المعارف النقلية والقولية على المعارف الثابتة المعلومة من محكم القران الكريم وقطعي السنة.

 ان الغرض من منهج العرض في فقه الشريعة هو الوصول الى معارف شرعية صادقة حقة متسقة متناسقة في الشريعة.  ومع ان المدرسة الأصولية نقدية الا انها تقبل الظن وخبر الواحد ومع ان المدرسة الإخبارية علمية الا انها تسليمية لا نقدية، وظاهرية، فلدينا المدرسة الظنية وهي السندية (الأصولية) والتسليمية (الإخبارية) الظاهرية، والمدرسة العلمية (العرضية) التصديقية.  وستعرف ان المدرسة العلمية العرضية هي الاقدر على تحصيل معارف شرعية متناسقة متوافقة متسقة غير مختلفة ولا متباعدة وهذه كلها علامات الحقيقة والصدق وفق البيانات الشرعية الإسلامية وأيضا وفق تعاريف الفلسفة الحديثة.  




© 2021 د. أنور غني الموسوي


Author's Note

د. أنور غني الموسوي
فصل من كتاب فصول في المدرسة العرضية

My Review

Would you like to review this Chapter?
Login | Register




Share This
Email
Facebook
Twitter
Request Read Request
Add to Library My Library
Subscribe Subscribe


Stats

112 Views
Added on October 9, 2021
Last Updated on October 9, 2021
Tags: المدرسة العرضية


Author

د. أنور غني الموسوي
د. أنور غني الموسوي

Alhilla, Babil, Iraq



About
أنور غني الموسوي طبيب وشاعر وباح.. more..

Writing
DEATH DEATH

A Poem by د. أن&#..


MELTING MELTING

A Poem by د. أن&#..